الأحد، 10 فبراير 2008

مشروعية الراية في الإسلام

مشروعية الراية في الإسلام
الأحاديث التي جاءت على ذكر الراية و اللواء وغيرها كثيرة،فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقاتل أو يرسل للقتال إلا تحت راية أو لواء ولذا حرص عليها الصحابة رضوان الله عليهم أشد الحرص ففي حديث أنس رضي الله عنه ( أخذ الراية زيد بن حارثه فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ...) بل إن عقد اللواء كان أوسع من مجرد الحرب بمفهومها الاصطلاحي.
إن السر في إحداث اللواء هو أنه إذا اجتمع قوم تحت لواء واحد يجعل بينهم الاتحاد، بمعنى أن هذا اللواء يكون علامة على اجتماع كلمتهم ودلالة على اتحاد قلوبهم فيكونوا كالجسد الواحد ويألف بعضهم بعضا أشد من ائتلاف ذوي الأرحام وإذا كانوا في معركة القتال لا ييأسون من الظفر مادام لواؤهم منشوراً بل تقوى همتهم ويشتد غرمهم..
دور اللواء و الراية ليس فحسب في الدنيا بل إن ظاهر الأحاديث يدل على أنه يكون أيضاً في الآخرة فأخرج الترمذي وحسنه عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر ). وفي الحديث " لكل غادر لواء يوم القيامة "
الفرق بين الراية و اللواء
فعن ابن عباس في مسند أحمد بسند قوي " أن راية النبي صلى الله عليه وسلم مع علي بن أبي طالب وراية الأنصار مع سعد بن عبادة وكان إذا استحر القتال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكون تحت راية الأنصار وعند البخاري : " أن قيس بن سعد الأنصاري صاحب لواء رسول الله"أي سعد بن عبادة الأنصاري سيد الخزرج وحامل لواء الأنصار في المعارك ويوم فتح مكة قبل أن يأخذه النبي منه ويدفعه إلى ابنه قيس.
وقد جزم ابن العربي كما قال الحافظ في الفتح أن هناك فرق بينهما فقال "اللواء غير الراية ، فاللواء ما يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه، و الراية ما يعقد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح .وقيل أن اللواء دون الراية في القدر و المكانة
وعند بعض أهل اللغة بترادف الراية واللواء وقالوا في تعريف كل منهما :" علم الجيش" ، قال ابن الأثير في كتابه ( النهاية في غريب الأثر ) اللواء الراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش ،وقد صرح ابن حجر في الفتح أن الراية هي اللواء وهما العلم
قال في كتاب الجهاد: باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم "اللواء بكسر اللام والمد هي الراية ويسمى أيضا العلم وكان الأصل أن يمسكها رئيس الجيش ثم سارت تحمل على رأسه".
وأكد ابن حجر أن الراية واللواء سواء عند الكلام على حديث سلمة بن الأكوع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال لأعطين الراية أو قال ليأخذن غداً الراية رجل يحبه الله ورسوله أو قال يحب الله ورسوله يفتح الله عليه ) قال الحافظ وقد أخرجه أحمد من حديث بريدة بلفظ " إني دافع اللواء إلى رجل يحبه الله ورسوله" وهذا مشعر بأن الراية واللواء سواء " .
والظاهر أن هناك فرق بين الراية و اللواء فعند أحمد والترمذي عن ابن عباس قال " كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء ولواءه أبيض "
جاء في تحفة الأحوذي ( الراية علم الجيش ويكنى أم الحرب وهو فوق اللواء )
صفة راية النبي صلى الله عليه وسلم
اخرج الترمذي وأحمد وأبو داود وابن ماجة في التاريخ الكبير بسند حسن كما ذكر صاحب ميزان الاعتدال عن البراء بن عازب " كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء مربعة من نمرة " أي من صوف.
وجاء في المعجم الصغير للطبراني عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه " أن راية النبي صلى الله عليه وسلم كانت سوداء".
وفي تاريخ البخاري عن الحارث بن حسان، قال دخلت المسجد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر يخطب وفلان قائم متقلد السيف وإذا رايات سود تخفق قلت ما هذا قالوا عمرو بن العاص قدم من جيش ذات السلاسل.
وعليه فإن راية النبي صلى الله عليه وسلم كانت سوداء مربعه من قطيفة أو صوفلكن كم كان مقدارها ؟ اخرج إسحاق بن إبراهيم الرملي في الأفراد عن أبي ذرعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد له راية روعة بيضاء ذراع في ذراع. ما كان مكتوباً فيها ذكر الحافظ عن أبي الشيخ من حديث ابن عباس " كان مكتوباً على رايته لا إله إلا الله محمد رسول الله " وقال سنده واه/ ضعيف. وذكر أبو عبد الله محمد بن حبان في كتاب أخلاق النبي عن بريدة :" أن راية النبيe كانت سوداء ولواءه ابيض زاد ابن عباس مكتوب على لوائه لا إله إلا الله محمد رسول الله".
اسم الراية
وهل كان لراية النبي صلى الله عليه وسلم اسم تدعى به ذكر الحافظ في الفتح أنه ( قيل كانت له راية تسمى العقاب سوداء مربعة ). وجاء في الكامل " كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم يقال لها العقاب" .
وعن أبي شيبة عن الحسن " كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم تسمى العقاب " . لكن أهل اللغة يذكرون أن العقاب هو اسم للراية عموماً وخاصة راية الحرب، فقد ذكر الأصمعي في أمالي القالي " العقاب الراية " وفي نهاية الأرب في فنون الأدب "العقاب العلم الضخم" والعقاب في الأصل طائر ضخم يسكن الجبال يقال له " كاسر العظام " وربما هذا يفسر كون راية الحرب على اسمه.
الخلاصة
ثم لم يرد في التاريخ الإسلامي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام ولا حتى التابعين لهم ، أن اتخذوا رايات مكتوبة عليها أية كتابة لا اسم الله تعالى ولا آية قرآنية ، بل كانت عبارة عن رايات بألوان . وأكثر ماورد فيما يكون على العلم من شعارات أنه عُقِد لسعد بن مالك الأزدي راية سوداء فيها هلال أبيض . قال ابن عباس رضي الله عنه : ( كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض ) رواه الترمذي ، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة ولواؤه أبيض ) رواه أبو داود. كماروى الترمذي عن البراء بن عازب أنّهُ سُئِل عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كانت سوداء مربعة من نَمِرَة» والـنَّمِرَةُ ثوب حِبَرَة قال في القاموس المحيط: (والـنَّمِرَة كفَرِحَة، القطعة الصغيرة من السَّحاب جمعها نَمِرٌ، والحِـبَرَةُ، وشَمْلَةٌ فيها خطوط بيضٌ وسُودٌ أو بُرْدَةٌ من صوفٍ تَلْبَسُها الأعراب) وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم راية تُدعى العُقَاب مصنوعة من الصوف الأسود. وهذا ما استند إليه الفقهاء الأجلاء عند حديثهم عن الرايات كما أورده الشيرازي الشافعي في : المهذب 2/231 ، والبهوتي الحنبلي في : كشاف القناع 3/64. كما أن الدولة العباسية مثلا كانت رايتها باللون الأسود ، والأيوبية باللون الأصفر .
المقال منقول (بتصرف)



ليست هناك تعليقات: